إلهاء المصريين بجعل تخريب الثقافة قضية دينية بينما أخطر وثائق مصر فى قبضة الإخوان |كتبت – نفيسة عبد الفتاح| بوابة الأسبوع
لهاء المصريين بجعل تخريب الثقافة قضية دينية بينما أخطر وثائق مصر فى قبضة الإخوان
الثلاثاء 11/6/2013 الساعة 9:22 صباحا

دارالكتب
كتبت – نفيسة عبد الفتاح
بينما يعتصم مثقفو مصر من أجل قضية عادلة ليست أسماء المقالين من مناصبهم فى وزارة الثقافة هدفها، بل المبدأ فى حد ذاته، وبينما تتم فى غفلة من الجميع أخونة دار الكتب والوثائق القومية بتعيين الدكتور خالد فهمى رئيسًا لها وإلغاء انتداب 4 من قياداتها بشكل عاجل رغم عدم قانونية إلغاء الانتداب، وبينما يتم شغل كل المثقفين عما يجرى بدار الوثائق عصب وروح وقلب مصر تاريخًا وتوثيقًا، وذلك بإطلاق الاتهامات فى حملة مسعورة تنال من كل اسم شارك فى الاعتصام، وهو ما ينفذه الإخوان المسلمون ورجالهم فى الصحافة والإعلام بتحويل النظار عما يحدث فى دار الكتب، وفى الوقت نفسه تحويل قضية المثقفين إلى قضية دينية عروبية، فبدلا من تصوير المر على حقيقته كخلافات جوهرية ضد الأخونة وتخريب الأنشطة الثقافية ووقف بعضها بدلا من إيجاد حلول لإصلاح المسار إن كان به خلل، وقيام الوزير بانتهاك القانون والإقالات التعسفية لقيادات وزارة الثقافة وهى الإقالات غير المدعومة بمستندات فساد، إضافة إلى ما قام به الوزير من تخبط إدارى واضح وتسييد لحفنة من الإخوان على الموظفين الأصليين بالوزارة فى عنصرية جديدة ضد موظفى الدولة تطبقها الجماعة لتقسمنا فرقًا وشيعًا وتجعل من سواد الشعب غير الإخوانى أولاد البطة السوداء ومن الإخوانى سيدًا جديدًا، وكأن مامورس ضد مثقفى مصر ومبدعيها فى عصر مبارك من تهميش لصالح نخب بعينها، علينا أن نعيده مرة ثانية ونذوق مرار التهميش ولكن فى هذه المرة لصالح الإخوان ونخبهم، التى من أجلها حاول الوزير الغاء المعرض العام للفنون التشكيلية والتى من أجلها استقال الدكتور توفيق سعيد من المجلس الأعلى للثقافة بعد محاولات ضاغطة لفرض أسماء إخوان لقيادة المجلس من الداخل وهى المحاولات الضاغطة نفسها التى مورست على الدكتور عبد الناصر حسن فى دار الكتب والوثائق القومية، ثم بكل تجبر وفجاجة يتم تزييف الحقائق لتتحول القضية على لسان الوزير إلى مجلة خاسرة تتكلف 83 ألف جنيه يرى الوزير أن خسارتها وعدم توزيعها دعم لمحلات اللب التى تشتريها.. كما يتم تشويه كل المعتصمين على طريقة أن تشويه شخص سينسحب على الكل، بد لا من إيجاد حلول لكل تلك المعضلات يتحول الأمر إلى رغبة الوزير فى التطهير والوقوف ضد من يسميهم رجال الإخوان وإعلامهم الماركسيين والعلمانيين المعتصمين لتفجير السخط والغضب الدينى تجاههم، وهو حديث خائب، لأن مصر التى تحتمل دروبها وحواريها كل الأطياف، لا بد أن تحتمل وزارة ثقافتها ومثقفوها كل الأطياف أيضًا، ولعله لا يكون من الأمور الصادمة لمروجى كفر المعتصمين أن منهم من يؤدى صلاته ويخشى الله رب العالمين ولا يخشى فى الحق لومة لائم، وهو كلام يجب ألا يقال لأننا ما تعلمنا أن ندخل فى صلة العبد بربه.
*تشويه المعتصمين
من واجبنا أن نضع النقاط فوق الحروف ونجلى الحقائق حيث تواجدت الأسبوع فى مكان الاعتصام فور علمها بحدوثه، وكشهود عيان نؤكد أن المعتصمين لم يحتلوا ولم يقتحموا مكتب الوزير كما نشر فى الأخبار الأولية عن الاعتصام كنتيجة لنقص المعلومات، ونؤكد اعتصام الفنانين والمثقفين فى قاعة الاجتماعات المواجهة لمكتبه بكل تحضر وسلمية، كما أنهم بالطبع ما داموا لم يقتربوا من مكتب الوزير فلم يحاولوا سرقة ما قيل أنها مستندات تدينهم كما افترت بعض المواقع زورًا وبهتانًا لأنه لا توجد أصلا مستندات فى مكتب الوزير تدين أحدًا، وإلا أخرجها الوزير منذ بدأت معركة المثقفين معه، ولأن ما يتحدث عنه الوزير من فساد لاعلاقة له أصلا بالفساد، بل له علاقة بمفهوم الوزير المختلف للثقافة، التى يراها سلعة يجب أن تدر ربحًا ولا يهم إن كانت تخدم مشروعًا تثقيفيًا، فالمجلة التى تقدم شعرًا وقصة ونقدًا يجب أن تدر ربحًا كمجلات الفضائح أو على أفضل تقدير كمجلات كرة القدم، وإلا فهى مشروع خاسر يجب ان يقضى عليه، لا أن يتم اصلاحه للقيام بمهمته التنويرية على أفضل وجه، وفى ظل الجو المشحون بالافتراءات، نجد أن من واجبنا أن نتساءل إن كان تشويه المعتصمين باختلاق أكاذيب، أمر يمت للدين بصلة؟! أيمكن أن ينال هذا التشويه من رموز منها من استحق بجدارة لقب قديس الأدب وهو الأديب الكبير بهاء طاهر الذي رفض جائزة مبارك وتنازل عنها بعد تورط النظام السابق في موقعة الجمل.. أو رافض الجوائز صاحب أشهر معركة مع فاروق حسنى الكاتب صنع الله إبراهيم الذى رفض جائزة قدرها مائة ألف جنيه ليس عن غنى جيب وإنما عن غنى نفس وإيمان بقضيته العادلة، أو ينال التشويه المناضلة الكبيرة سكينة فؤاد التى حاربت النظام السابق بكل قوة وفجرت قضايا القمح ولم تخش يومًا فى الحق لومة لائم وكانت مثالا دائمًا للوطنية؟، أو الفنان الكبير المناضل سامح الصريطى أو شاعر الشعب العظيم الذى وقف فى وجه النظام السابق مرات ومرات القدير سيد حجاب؟ إلى غير هؤلاء من الأسماء ذات السمعة والنزاهة التى لم تتربح يومًا من أى نظام،
*سلاح الدين
ضمن فعاليات مسيرة «نصرة القدس» تحول يوم الجمعة إلى يوم لنصرة الدكتور علاء عبد العزيز وتشويه كل المعتصمين وتحويل المشكلة الثقافية إلى صراع دينى يدخل فيه الدكتور صلاح سلطان، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذى أقام شعائر صلاة الجمعة، معلنًا عن مساندته لوزير الثقافة ضد معارضيه، وضد معتصمى الوزارة ليهتف المصلون تأييدًا للوزير! ونحن هنا أمام كسب تعاطف بإسم الدين واستنفار عداء ضد المثقفين تقوم به جماعة لم تقدم للإسلام شيئا على الإطلاق منذ تولت السلطة سوى شحن النفوس ثم الإخلال بكل التعهدات الشرعية، وهى نفسها الجماعة التى أرسل رئيسها خطابًا عظيمًا لشيمون بيريز وصمتت عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وعن تأكيدات إسرائيل بأن القدس عاصمتها ثم تنظم مسيرة لنصرة القدس! وكما ارتفعت شعارات «طهر طهر يا علاء» على منصة امام مقر وزارة الثقافة لم يزد الواقفون فوقها عن أربعة أفراد والمستمعون لهم عن عشرة أفراد ووقفت فوقها سيدة بسيطة لتهتف ضد مثقفى مصر وقف علاء عبد العزيز على المنبر يخطب يوم نصرة القدس عن تطهير الفساد مؤكدًا محو الهوية الثقافية المصرية بتأكيده أهمية إعادة الهوية الثقافية الإسلامية العربية، مشددًا على أنه لا تبعية ثقافية لمصر بعد اليوم.
وهو ما لم يفعله المسلمون الفاتحون لمصر الذين حافظوا على هوية مصر الثقافية فى آثارها ومعابدها وطقوسها الفرعونية بداية من ترك المصريين يحتفلون بشم النسيم ونهاية بترك مقابرهم ذات الشواهد دون أن يجبرهم على تسويتها بالأرض.
وكان استكمال أحمد عارف المتحدث باسم الإخوان المسلمين لحديث الكراهية متمثلا فى تأكيده أن الوزير بإمكانه ممارسة عمله من مسجد عمر بن عبد العزيز إن حيل بينه وبين مكتبه لأن الثقافة تبدأ من المسجد وفى اتهام صريح للنخب المثقفة بالبعد عن الدين قال عارف: 'هذه النخب لا تعتصم فى المساجد وهو ما يدعونى إلى سؤاله «هلا شققت عن قلبه»؟!
*دار الوثائق القومية
لقد دارت رحى المعركة بين الوزير والمثقفين فيما يشبه طرق عنيف متعمد على رؤوس المثقفين، جعلهم ينتفضون وينظمون الوقفات والاعتصامات ويرسلون بالإنذارات بينما الوزير السائر فى مخطط الأخونة لا يطرف له جفن ولا يلتفت إلى الاعتصامات وكما أشرنا من قبل لم يلتفت المثقفون المنهمكون فى مشكلات الأوبرا والمجلس الأعلى للثقافة وهيئة الكتاب إلى الأخونة الصريحة لدار الكتب بتولية رئاستها للدكتور خالد فهمى أستاذ الأدب العربى بجامعة المنوفية والكادر الإخوانى ثم بصدور قرار حاسم يجعل دار الكتب والوثائق القومية فى قبضة الإخوان بالكامل بإنهاء خالد فهمى لانتداب 4 من أهم القيادات بها قبل موعد إلغاء انتدابهم الرسمى والذى يمتد حتى العام المقبل لثلاثة منهم بينما ينتهى انتداب الدكتور عبد الواحد النبوى مدير دار الوثائق الذى تمت إقالته أيضًا فى نهاية أغسطس المقبل، فالغى فهمى انتداب الدكتور محمد صبرى الدالى رئيس الإدارة المركزية للمراكز العلمية ومركز أدب الطفل ود.إيمان عز الدين المشرفة على المكتبة الرئيسية بباب الخلق الدكتورة نيفين محمد محمود المشرفة على جودة الأعمال الفنية بدار الوثائق، ولا يأتى إنهاء الانتداب على هذا النحو إلا فى سياق تأكيد ما نشرته «الأسبوع» فى عددها السابق عن المخاطر التى تتعرض لها دار الكتب وقيمة ما تحتويه من كنوز والتى يعتبر القرار الأصلى لمجلس قيادة الثورة بحل جماعة الإخوان المسلمين التى ظلت جماعة محلولة حتى يومنا هذا من أهم الوثائق التى تحتويها الدار.
ومادام التاريخ والمنهج الإخوانى ينكشف يومًا بعد يوم فمن حقنا أن نخاف على تراثنا ومن حقنا أن نضمن كل ما بداخل دار الوثائق من حجج ملكيات وخرائط حدود وتراث ومخطوطات لا تخصنا فقط بل تخص الوطن العربى وفلسطين المحتلة واليهود والأقباط وذاكرتنا التاريخية، ودماء الشهداء التى تحتفظ دار الوثائق ببعض تقارير الطب الشرعى لها وغيرها من المستندات التاريخية، إلا أن أهم ما يمكن ان يمس الجماعة بالداخل هو ما صرح به لـ«الأسبوع» مصدر موثوق حيث أكد أن جزءًا كبيرًا من مستندات حادث المنشية ومحاولة اغتيال الزعيم الراحل جمال عبد الناصر كما توجد أجزاء مهمة من وثائق، مؤامرات الإخوان مع الإنجليز وقد اكد المصدر أن سبب غياب بعض تلك الوثائق هو عشوائية جمع الوثائق فى تلك المرحلة، مضيفا أن كل وثيقة داخل الدار مصورة وصورها محفوظة، وأكد المصدر أن خطر تعطيل الأنظمة الدقيقة للدار هو ماقد يسبب كارثة، ولعل كتاب «التواطؤ البريطانى مع الإسلام الراديكالى» للكاتب مارك كيرتس هو أحد الوثائق الغربية والشهادات التاريخية التى تؤكد خطورة ما بدار الوثائق من مستندات تدين هذه الجماعة بالكامل، وإذا لم يكن بإمكاننا استعراض تلك الوثائق للنظام الدقيق الذى تتبعه دار الوثائق القومية فليس أقل من أن نلمح لما دار فى الخمسينيات من خلال هذا الكتاب الوثائقى، الذى يؤكد أن بريطانيا بدأت تمويل «الإخوان» قبل ١٩٤٢ ويوثق الكتاب فى منتصف الخمسينيات من القرن الماضى بعض المعاملات السرية بين البريطانيين و«الإخوان». كما يؤكد اختلاف ناصر معهم بعد توليه الحكم وأن بريطانيا نظرت إلى «الإخوان» على أنهم معارضة مفيدة لهذا النظام الحاكم ذى التوجهات القومية العربية. وأن مسئولين بريطانيين عقدوا اجتماعات مع قادة الإخوان المسلمين كأداة ضد النظام الحاكم فى مفاوضات بشأن إجلاء القوات العسكرية البريطانية من البلاد، وفى عام 1956، عندما قامت بريطانيا بغزو مصر ضمن ما يعرف بالاعتداء الثلاثي، كانت هناك مصادر جديرة بالثقة تشير إلى أن بريطانيا قامت باتصالات سرية مع جماعة الإخوان وغيرهم من الشخصيات الدينية كجزء من خططها للإطاحة بالزعيم جمال عبد الناصر أو اغتياله. لكن لسوء الحظ، لا تحتوى هذه الملفات السرية التى تم الكشف عنها علي أى تفاصيل أخرى بشأن ذلك. وتبين تلك الملفات أن المسئولين البريطانيين كانوا يعتقدون أن هناك «إمكانية» أو «احتمالية» أن يقوم «الإخوان» بتشكيل الحكومة الجديدة بعد الإطاحة بعبد الناصر على أيدى البريطانيين. وفى شهر مارس (آذار) عام 1957، كتب تريفور إيفانز، المسئول بالسفارة البريطانية الذى قاد اتصالات سابقة مع «الإخوان»، قائلا: «إن اختفاء نظام عبد الناصر... ينبغى أن يكون هدفنا الرئيسي، كما يشير الكتاب إلى أن الخطط البريطانية السرية للإطاحة بالأنظمة القومية فى سورية عامى 1956 و1957 كانت تنطوى أيضا على تعاون مع جماعة الإخوان المسلمين، التى كان يُنظر إليها على أنها وسيلة مفيدة فى خلق الاضطرابات فى البلاد تمهيدًا لتغيير النظام الحاكم.
وإذا كانت كتب المنشقين عن الإخوان وحتى المحبين لهم تفضح سواء للإدانة أو عن رغبة فى التبرير، تاريخًا دمويًا، سواء باغتيال منشقين أو اغتيالات سياسية وهو تاريخ يجعل من أعضاء الإخوان قضاة وجلادين، من ذلك التاريخ المشهور قتل القاضى أحمد الخازندار وكيل محكمة الاستئناف، حيث تم اغتياله فى 22 مارس 1948 وقام بعملية الاغتيال محمود سعيد زينهم 21 سنة وحسن محمد عبد الحافظ 24 سنة وقيدت هذه القضية برقم 604/ 1948 جنايات حلوان. يقول الدكتور محمود عساف مستشار مجلس إدارة النظام الخاص للإخوان المسلمين فى كتابه «مع الإمام الشهيد حسن البنا»: «كنت مستشارًا لمجلس إدارة النظام الخاص باعتباره أمينًا للمعلومات تابعًا للإمام حسن البنا. وكنا نحضر الاجتماعات وعرض علينا مقتل المستشار الخازندار ولم يكن المجلس يعلم شيئًا عن هذه الواقعة إلا بعد أن قرأناها فى الصحف، وأنه تم القبض على اثنين من الإخوان قتلا الرجل. وقال حسن البنا لعبد الرحمن السندى – أحد قيادى الإخوان – أليست عندك تعليمات بألا تفعل شيئًا إلا بإذن صريح مني؟ قال: بلى. فقال له البنا: كيف تفعل هذه الفعلة – قتل القاضى – بغير إذن؟ قال السندي: لقد كتبت إلىَّ فضيلتكم ما رأيكم دام فضلك فى حاكم ظالم يحكم بغير ما أنزل الله؛ ويوقع الأذى بالمسلمين؟ فقلتم لى: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادًا أن يقتلوا. ثم قال حسن البنا: إن كان قتلك للخازندار تم بحسن نيه فإن علينا الديه»!
وكتب صلاح شادى رئيس قسم الوحدات فى تنظيم جماعة الإخوان فى كتابه «صفحات من التاريخ حصاد العمر» قائلًا: ففى سنة 1948 اغتيل الخازندار بيد الأخوين محمود زينهم وحسن عبد الحافظ وحكم عليهما بالسجن المؤبد. وإن كان هذا الحادث وقع بغير علم المرشد لكن اللذين قاما به من الإخوان... وفى اجتماع مع عبدالرحمن السندى قال لحسن البنا : إنك قلت إن هذا القاضى يستاهل القتل بعد الأحكام القاسية التى أصدرها، كما تم اغتيال محمود فهمى النقراشى رئيس وزراء مصر فى 28 ديسمبر 1948 وهى العملية التى أصدر بعدها قرارًا بحل جماعة الإخوان المسلمين وذلك فى أعقاب عدة حوادث، أهمها القبض على 15 شخصًا من جماعة الإخوان فى منطقة المقطم يتدربون على استعمال المفرقعات والقنابل وبحوزتهم كميات كبيره منها، يقول الدكتور محمود عساف فى كتابه «بادر النقراشى بإصدار القرار بحل الإخوان. وتم القبض على بعضهم، والذين لم يقبض عليهم فى حال يرثى لها. ومن هذه المجموعات مجموعة أحمد فؤاد ولم تجد هذه المجموعة أحدًا يوجهها فقررت قتل النقراشى جزاءً على حله جماعة الإخوان. وقد رسم أحمد فؤاد خطة قتل النقراشى ونجح عبدالمجيد أحمد حسن فى مهمته بعد أن تنكر فى زى ضابط بوليس، ويقول أحمد عادل كمال فى كتابه «وأصدر النقراشى أمر عسكريًا بحل جماعة الإخوان ولم تنقض ثلاثة أسابيع حتى سقط قتيلًا فى عرينه بوزارة الداخلية برصاص الإخوان، وكان للإخوان قضايا كثيرة منها الاعتداء بالأسلحة النارية على خصوم فى فبراير 48 وقتل احدهم، ونسف بعض مساكن اليهود فى حارة اليهود فى يوليو48 وضبط مخزن اسلحة وذخيرة بالإسماعيلية، فى أكتوبر من العام نفسه وغيرها من الوقائع التى استخدم فيها الإخوان السلاح والدم، وغيرها من الحوادث التى جعلت النقراشى قبل مقتله يصدر قرارًا بحل الجماعة، هو تاريخ حافل إذن منذ تلك الفترة فى تاريخ مصر وحتى اليوم أهم وثائقه محفوظه فى دار الوثائق وعلى الرغم من أن بعض الجهات السيادية لا تفرج عن الوثائق التى بحوزتها وهو ما يسبب نقصًا معلوماتيًا كما يؤكد مصدرنا فإن الوثائق تتكامل فى النهاية ومهما طال الزمن مما يجعل اختفاء أى منها بمثابة اتلاف ذاكرة أمة بسبق إصرار وترصد ومحو ما يمكن من التاريخ الدموى لجهة ما.
ولأننا انتقلنا من عهد رجال أعمال مبارك إلى عهد رجال أعمال الإخوان ولأننا نتعرض اليوم وفقًا لمنظمات حقوق الإنسان لعصر جديد من القمع السياسى يترك فيه مشاهير المعارضة ليعملوا على سطح يغلى قاعه ليتجمل النظام بمعارضتهم وفى أحيان كثيرة لا يطيق ذلك فيلفق لهم تهمًا بينما يقبض على الشباب وقود استمرار الثورة وتحرق مقار حملة تمرد وتختفى من على الخريطة حقوق المصابين والشهداء، لأننا فى عصر جديد مختلف، فإن كل ورقة فى دار الكتب والوثائق القومية ينبغى أن تحمى بالروح والدم وهو مأخذنا على المثقفين الذين لم تشغلهم قضية دار الكتب والوثائق القومية فمهما كان حجم معاركهم وخطورتها لا تزال دار الوثائق القومية هى أخطر وأهم قضية فى ثقافة وتاريخ مصر.