الخميس، 13 نوفمبر 2014

زينب مهدى... موت له دوى

لا أعرفها ..لم نلتق يوما ..ولم أقرأ عنها إلا بعد موتها المأساوى..زينب مهدى..وجه برىء سواء كانت ترتدى الحجاب أم خلعته..لها ابتسامة طفلة،درست الدين واللغة العربية فى جامعة الأزهر وحملت فى قلبها حلما متسعا دون شك أصبح حلما منهزما إلى حد اختيار الموت شنقا، اختارته رغم كل مادرسته وتربت عليه وعرفته عن العقوبة الضخمة التى غالبا ماتتسبب فى تراجع كل من تسول له نفسه الانتحار، كانت الهزيمة أكبر، كان الانكسار مميتا .. لكن الموت له رهبة وجلال، ولطريقة موتها رجفة وقشعريرة وإحساس بالإشفاق والخوف والحزن ..أحاسيس مجتمعة جعلتنى أتساءل كيف يجروء أحدهم أن يتكلم فى تلك اللحظة المهيبة القاسية عن وضعها الدينى؟ كيف يمنح أحدهم بو عزيزى صك البطولة ويجعل منها كافرة ، لا أنا ولا أنت ولا أى مخلوق على وجه الأرض يملك صكوك الغفران أو العذاب، الموقف أكبر من أن نجلس فى مقاعدنا أمام التلفاز وندلى بدلاء جهلنا فى أمر فتاة لا أحد يعلم  كيف كانت لحظاتها الأخيرة  أو إن كانت فى كامل وعيها وإدراكها.. لقد قرأت ما أظن أنه صفحتها على تويتر ..تغريداتها الأخيرة استغاثات مكتئب ..بل ربما تبدو كاستغاثة متخذ قرار بالموت يبحث عن حضن دافىء ليعود، أى هزيمة تلك التى أصابت فتاة عاشت هذا التناقض القاسى، صدقت بجماعة الإخوان لمدة ثلاث سنوات وانضمت إلى حملة أبو الفتوح الرئاسية، التى تسببت بفصلها من الجماعة، وتحولت إلى ناشطة سياسية، ظلت مهزومة فى كل ما صدقت به لكنها مصدقة بالثورة، كانت من الجرأة لتتخذ قرارا بخلع الحجاب  فى تحد لنظرة المجتمع لمن يفعل ذلك، تبدلت  فصادقت من يناقضون كل ما آمنت به يوما باستثناء ما ظنتهم عليه من ثورية، ظنت أنها ستجد نفسها وستبقى على ثوريتها التى كانت كل مابقى لديها من زينب مهدى التى أحبتها، قرار صعب يمثل تخل عن ثوابت من الصعب لمثلها التخلى عنها ثم الوصول بعد ذلك إلى حالة السلام النفسى،لكننى أبدا لا أظنها وجدت نفسها هناك، بل عانت تناقضا واضحا وصراعا خفيا، وعلى الرغم من تقتى بأن الوضع السياسى والظروف الاجتماعية والاقتصادية والطبيعة الشخصية عوامل تتداخل فى القرارات المصيرية وربما تتكامل لتصنع المأساة، إلا أننى لا أعفى كل من تركوها وحدها تكتب تغريدات الموت دون ان يلتفتوا لها، تغرد آخر تغريداتها بأغنية عبد الوهاب "يامسافر وحدك" تكتب قبلها "من حقك ان تموت وتعذر" الثائرة زينب مهدى لم تقف إلى جوار الإنسانة زينب مهدى، تسببت فى هزيمتها عندما حملتها أعباء وأحزان  كل لحظات الفشل والألم وسقوط الرمز تلو الرمز، تألمت كما يتألم كثيرون، فبعضنا غير راض عن كثير مما يحدث الآن، وكثير منا يشعر أننا عدنا إلى أسوأ عهود التخوين والتجسس والارتياب،هناك ملفات شائكة كثيرة وإحساس متنامى بالهزيمة ورؤوس الشر تطل علينا من التلفاز كل يوم تلعن ثورة يناير وتتهم من عاشوها خطرا  وأملا  وحلما وزهوا، بأنهم عملاء، ملفات المعتقلين دون محاكمات تبدو لنا كبقعة سوداء تزيد من قسوة مخاوفنا..مشاعر الهزيمة تتصاعد . ومثلها مشوش من أكثر من جهة ، تساقطت رموزه، يشعر بالعجز، لم يعد يحلم،لم يعد مطمئنا،ممزق فى أعماقه تائه فى معتقده ،لا أدرى إن كان ذلك هو تماما ما أصابها كما قال زميل لها انها كانت ترى الصورة سوداء وتؤكد أنه لا امل ..لكن سلوك المهزوم يخضع دائما لفروق فردية بين البشر..هناك من يقرر الموت لأنه لا يحتمل الهزيمة ..وهناك من يقرر العيش ميتا..وهناك من يواصل القتال حتى يحين موعد راحته الأبدية إما بميتة طبيعية أو بقرار اغتيال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق