الاثنين، 13 أكتوبر 2014

تحت مخدر عام

تحت مخدر عام                                                                                                                                كنت أظن ان خرف الإفاقة من التخدير سيستدعى أن أسب كل هؤلاء الذين حملت فى قلبى أوجاع قسوتهم .. أخرج غضبا لطالما كتمته ولذت بالصمت خشية أن أقطع شعرة معاوية، ولطالما تمنيت أن القى إلى البحر بكومة شعرات معاوية التى  صارت تنجدل كمشنقة لمشاعرى.
الممرضات وزوجى قالوا لى ان شيئا من ذلك لم يحدث،لم اتكلم عن احبائى، لم أخاطب والدى رحمه الذى الذى ظننت انه وقف إلى جوارى وانا على طاولة العمليات،  قالوا ان خروجى إلى عتبات الوعى بدأ  ببكاء خفيض..بكاء مقهور لطالما حبس  دموعه لأنهم كانوا يصمونه بالضعف كلما كانت تفيض رغما عن إرادته.. ثم ارتفع البكاء رويدا رويدا ..قالوا أننى بكيت كانفجارات بركان نشط فجاة،  فقذف كل مابجوفه دفعة واحدة ..اعترف ان الألم كان يفوق الاحتمال..لكن كلمات زوجى ودموعه لبكائى كانت فاصلة :لماذا تبكين حبيبتى وكنت تحتملين من قبل  ألاما أشد؟  كلمتنى عيون الممرضة المندهشة المواسية بعد حقنى بالمسكن القوى ثم بالمهدأ الأقوى ..قالت لى أنهم لم يشاهدوا حالة مماثلة من قبل!.
لم تكن جراحة بالمعنى المفهوم.. بقدر فهمى،. كان وتر  بكتفى قد التصق وتيبس مفصلى وتسبب فى تعطل ذراعى، لم يعد باستطاعتى تحريكه دون صخب الإعلان عن عدم احتمالى لسياط من كهرباء تنطلق كضربات ملتهبة عبر ماء الحياة الراكد فى الذراع اليائس ..قرر الطبيب فك الالتصاق الذى شلنى تقريبا وتحريك المفصل يدويا فى غرفة العمليات تحت مخدر عام،، قال لى بعد ساعات أن صوت طقطقة صدر عن الوتر لمرات أثناء العملية، سمعه باندهاش كل من بالغرفة، لا يصدق الطبيب أننى احتملت هذا الألم لثلاثة أشهر قبل اللجوء لهذا الحل، ابتسم رغما عن شبه غيبوبتى التى مازالت تلازمنى أثناء كتابة تلك السطور،وتر واحد ملتصق احتملت ألامه لبضعة شهور يدهش الطبيب..ماذا لو علم بشأن عشرات الأوتار التى تسبب  بلصقها معذبوا قلبى على مدار العمر،أتساءل: لما لم تستطع تلك الأوتار شل شلال مشاعرى .. لماذا بكيتهم جميعا بتلك الحرقة  على مدار مايزيد عن الساعة ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق