السبت، 16 فبراير 2013

نفيسة عبد الفتاح: نار الإخوان وجمر مبارك | أخبار البديل

نفيسة عبد الفتاح: نار الإخوان وجمر مبارك | أخبار البديل


يظن البعض أن الأكثر خطراً علي استكمال مسيرة الثورة والوصول إلى أهدافها هو حالات الإحباط والتشاؤم وعدم الثقة فى كل شىء،وهى حالات من نفس العائلة السوداوية، سريعة الانتشار، وذات تأثير مرعب على قدرة الإنسان على التحدى والصمود،لكن الأخطر برأيى هو حالة التسلل البطىء لمشاعر يمكن تسميتها بـ "اللامشاعر"،وهى حالة تصيب البعض عند قراءة أخبار خروج رجال مبارك من السجون أو إعادة محاكمتهم أو حتى القبض على شخص منهم ظل يتمتع بحريته حتى يومنا هذا،نعم،لا نستطيع تعميم الظاهرة رغم وجودها القوى،إلا ان تأكد وجودها وتزايده يشيران إلى حالة أكثر خطورة من حالات الإحباط واليأس والكآبة وغيرها من الأعراض الناتجة عن فشل سياسات الحكم الإخوانى فى احتواء أزمات البلاد ودفعنا دفعا إلى العودة الكاملة إلى الوراء باتباع سياسات الوطنى وإخراج قوانينه المخبأة فى الأدراج،إضافة إلى انكشاف الغطاء عن شخصية الرئيس الصادمة التى لا يبدو أنها تمتلك الحد الأدنى من القدرة على الإدارة إضافة إلى فقدان  كامل للمصداقية وحالة العناد غير المسبوقة مع شعب ثائر،وحالات الاغتيالات الصريحة التى تستهدف النشطاء السياسيين.
أكثر من حوار مع طبقات مختلفة فى أماكن متعددة حمل نفس المعنى،البكاء على زمن مبارك رغم الاعتراف الكامل بجرائمه وغطرسته! إنها المقارنة القاسية بين النار والجمر،النار التى تتحرك سريعا وتلتهم كل شىء دون هوادة  أو تمييز وربما لا تدرى أنها فى النهاية ستأكل نفسها،وبين الجمر القادر على إشعال الحرائق بنفس القوة،لكنه أبطأ فى الحركة وأكثر تعمقا،إنها الذاكرة المعطلة،الحاضر الملتهب المخيف يربك العقل فلا يسترجع كل هذا الظلم الذى أفرزه نظام مبارك من فقر وعدم تكافؤ للفرص وإهدار للكفاءات،والقمع الشرطى وتدمير الاقتصاد،والخنوع الكامل دوليا وعربيا،لقد تجسد حلم النجاة فى مبادئ الثورة الجميلة عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية،ثم تحول الحلم فجأة إلى كابوس فلا عيش ولا حرية ولا عدالة ولا أمل،وكأن الثورة سارت عكس الاتجاه فازداد الجوع والبطالة والمهانة والقمع،حلمنا صار كابوسا أنهك جسد الوطن وفتح الباب لفيروس اللامشاعر الذى قد يتحور عند عدد أكبر من الناس إلى تعاطف،ومن يدرى ماقد يجلبه ذلك على مصر، ربما لا يملك الكثيرون ترف الإيمان بمقولة شاب صغير،قالها ردا على تحسرى على انقلاب البعض على الثورة،كان يمتلك كل هذا اليقين وهو يؤكد:رغم  أن الطريق يبدو للجميع مسدودا وأشد ظلمة من عهد مبارك،لكننى أعلم أننا لم يعد بمقدورنا الرضا باستمرار أى جرائم أو أخطاء..سنواصل المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية..وإن لم نحصد نتائج لثورتنا الآن فسيحصدها أبناؤنا..سيعيشون حياة أكرم وأفضل..حقهم علينا أن ندفع لهم ثمن ذلك.
 كلماته البسيطة قد لا تعيد للكثيرين إيمانهم بالثورة،فشراسة الجوع  قد لا تتيح فرصة التشبث بالأمل،ورغم ذلك،ليس علينا أن نقبل بما هو أقل من حلمنا الكبير،كما أنه ليس علينا أن ننظر إلى نار الإخوان على أنها أكثر شراسة من جمر مبارك وحاشيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق