نفيسة عبد الفتاح : إسماعيل النقيب.. نسيم النيل المحمل بعطر الكافور | البديل
نفيسة عبد الفتاح : إسماعيل النقيب.. نسيم النيل المحمل بعطر الكافور
الجمعة 24 August 2012 - 11:54 ص
قليلون من يشعرونك بأن النهر مازال يجرى وأن عطر اشجار الكافور مازال فواحا تحمله نسمة العصارى عبر الشاطىء محملا برائحة الماء والتراب المندى والنبت الأخضر،يغدقون عليك بمحبة هى فى صلب تكوينهم ويفتحون لك أبواب النور والأمل ويقولون لك مازالت قلوبنا تعشق الحرف وتتغذى على الجمال.
لست وحدى من يعرف أن الراحل الكبير الكاتب اسماعيل النقيب هو كل ذلك وأكثر،لست وحدى من أغدق عليها بحب الأستاذ والأب عندما رأى بادرة خير فى ناشىء يتلمس درب الأدب،عشرات المبدعين الصغار الذين أصبحوا كبارا امتدت لهم تلك اليد الحانية،لم يبخل بكلمة فى يومياته هى حلم وأمل لكل من أصدر كتابا، ولم يبخل بما هو أكثر من ذلك فقد فتح بيته قبلة للموهوبين وفتح عقله لكل تجديد،يختار من الشعر أبدعه وأجوده ليزين يومياته بما يحى القلوب وسط زمن شاع فيه الغث،يقرأ بعناية نادرة،مستمتعا بإزاحة التراب عن النادر والثمين،يعيدك إلى زمن البراءة والطهر وكأنه لم يفارق حضن أمه يوما وكأنها مازالت تغذيه من روحها الطيبة وتضع حوله سياجا من الحماية يحول بين كل قوى الشر والتلوث وبينه.
رحل الكاتب الكبير ،صاحب العنوان الأشهر"إلى مجهولة العنوان" وأكثر من 13 كتابا فى شتى الفروع،وأصغر من كتب اليوميات فى جريدة الأخبار،فقد كتبهاوهو بعد لم يتجاوز الثلاثين بين عباقرة القلم وأرباب القول الفخيم،أمثال عباس محمود العقاد و مصطفي و علي أمين و محمد التابعي،كان الكاتب الحالة،الذى جعلنا عبر يومياته نعيش حالة الحب النادرة التى ضمتها جدران بيته،مع رفيقة الدرب زوجته الزميلة الجميلة بركسام رمضان،وابنتيه أميرة وليلى،محتفظا بلغة قريته وكأنه يرفض أن يغير هويته فى جواز مروره إلى المدينة،يرفض ألا يكون ابن ذلك الفلاح رغم تخرجه من قسم الصحافة بكلية الآداب وعمله رئيسا للشئون العربية والديبلوماسية لما يقرب من ربع قرن بجريدة الأخبار وهو ما جعله يجالس تقريبا كل الملوك والرؤساء ويحضر القمم العربية،ويزور معظم بلدان الأرض،إضافة إلى احترافه الأدب وفصاحة لغته العربية.
اسماعيل النقيب،لمن عرفه عن قرب،إنسان،تجلت فيه أرقى وأنقى صفات البشر،حمل قلبا كأفئدة الطير،ودمعة رقراقة تنبع من عاطفة جياشة،لا أنساها عندما تذاكرنا محبة آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم فى جلسة عائلية فى بيته المفتوح كقلبه، لم يكن النقيب فقط مجرد كاتب مختلف أو روح نقية،أو يد حانية،أو قوة دافعة،لكنه كان فوق ذلك التواضع الذى يمشى على قدمين..رحمك الله أستاذنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق