الثلاثاء، 18 ديسمبر 2012
الخميس، 13 ديسمبر 2012
http://www.albedaiah.com/node/10960
نفيسة عبد الفتاح : خرطوش على مسرح العبث
Albedaiah at: Thursday, December 13, 2012 - 18:17
اطبع الموضوع
خيار شديد القسوة..بين الموت وبين سلب الحرية،إما انقسام وفرقة ودم، وإما قهر تام لإرادتك، وعليك أن تختار وتمضى قدما لتدفع ثمن اختيارك، ربما لا نستطيع أن نلقى باللوم على العاجزين عن اتخاذ قرار،فعندما تكون أمام مشهد عبثى مجنون يسلب أصحاب العقول عقولهم،لأن المسرحية التى دخلتها طوعا،اكتشفت أن كل أحداثها ليست فقط لامعقولة،بل هى واقع عليك أن تعيشه وأنك محبوس داخلها،بطل المسرحية تقمص بالفعل شخصية الحاكم،لكنه يبدو منفصلا عن الواقع أو ربما يعانى من حالة من حالات قلة التركيز وبطء رد الفعل وهو يعانى أيضا من نوبات نشاط عقلى مفاجئة مع افتقار للحكمة،يخرج على الجمهور وكأنه الفاتح العظيم حامل لواء الشرف وحامى حمى الفضيلة،ومع ذلك يمسك سكينا حادا يمزق به ستائر المسرح، ويتلف أرضيته،يقسم الجمهور الى أشراف معه وقلة مندسة ضده، يصدر قرارات لا تمت للعقل بصلة،فتارة يطفىء أنوار المسرح وتارة يضيئها، يخرج الكومبارس شاهرين أسلحة فى وجه الجمهور ثم يجعلهم يرقصون وسطه، يستعين بثلاثة مؤلفين ومخرجين تحت إمرة مخرج واحد عالمى مدعى للجنون،يختفى البطل فى الكواليس ثم يفاجىء الجمهور بأعيرة نارية فوق الرؤوس،يصدر الأوامر لجميع الممثلين بترك الخشبة لأنه سيدخل منفردا ليملى على الجمهور شروط الإذعان،قاعة المسرح مغلقة،والمسرح ليس به أى اجراءات للأمن والسلامة بما فى ذلك طفايات الحريق..ونجم الحفل والسادة المشاركون فى مسرحيتة أعلنوا أن من يفكر فى الإعتراض أو يحاول رفض قراراتهم السيادية سيعرض حياته وحياة الآخرين للخطر،المشهد العبثى انتقلت عدواه الى الصالة،فظهر متفرجون يمثلون مسرحية موازية..أعضاء الفرقة القديمة التى تم حلها واستبدالها بفرقة المخرج العالمى.
كلا الفريقين يحمل بنادق الخرطوش،ورصاصا وخناجر وزجاجات حارقة، وكلاهما يتسبب فى سقوط الجرحى والقتلى،بينما الجمهور الطيب بين شقى الرحى..والغاضبون الواعون بكل مايجرى الثائرون على العرض السىء والقمع غير المبرر لا يجدون مخرجا سوى تحطيم الأبواب،والقاء المقاعد على الممثلين،الممثلون أعلى الخشبة واسفلها حوارهم بلا حوار وقرارات النجم السيادية تتغير بين ساعة وأخرى،النجم يعمل فى المسرحية العبثية سلطانا وخادما وامام زاوية ومدرس أخلاق ومحرض ومكوش ورجل منقاد مأتمر بأوامرغيره ومدرسا لللحيل والسحر،أخطر مافى الأمر انه مع مرور الساعات صار الدم أغزر،لم يعد مايهدر فقط هو دم الثائرين الذين يحاولن الخروج دون جدوى،ولكن صار دم كل الجمهور بصامتيه وثائريه، ودماء الفرقتين أسفل وأعلى الخشبة،الفرصة الوحيدة المطروحة للبقاء على قيد الحياة كانت أن يقبل الجمهور توقيع اقرارات تخلى عن كل مايملك فى الحياة..حريته..أن يبقى حبيسا داخل العرض العبثى محتفظا بحياته مع عدم وجود أى ضمانات لاحتفاظه بعقله..الزمن المطروح حقا كان كبيرا..فمن يستطيع أن يقبل بالبقاء داخل هذا العرض الجهنمى لعشر سنوات أخرى؟!
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)